-->
U3F1ZWV6ZTE0NDc4OTI4OTEyX0FjdGl2YXRpb24xNjQwMjYyOTAzMzk=
recent
جديد

الزوج المفهومي النظرية والتجربة

 

تأطير إشكالي للزوج المفهومي النظرية والتجربة؛

 

تشير الدلالة المتداولة لمفهوم النظرية إلى الرأي الشخصي بصدد قضية ما، أما الناحية اللغوية فهي تشير إلى معنى الرؤية والملاحظة وإلى النظر العقلي التأملي، غير أن الدلالة العلمية للمفهوم تشير إلى البناء الفكري المجرد الذي يتخذ صورة بنية /نسق من المبادئ والقوانين والأفكار التي يتم بواسطتها تفسير الظواهر الطبيعية.


أما مفهوم التجربة فيدل في اللغة العادية على الخبرات الشخصية التي يكتسبها الإنسان في حياته ، كما يشير إلى المهارات التي تنتج عن إتقان حرفة أو عمل معين، غير أن الدلالة العليمة لهذا المفهوم تعني إعادة بناء الظاهرة الطبيعية وصنعها من جديد مخبريا قصد الكشف عن القوانين المتحكمة فيها، يصطلح على التجربة بهذا المعنى بالتجريب العلمي باعتباره اللحظة الحاسمة في بناء المعرفة العلمية.


تشير النظرية إلى البعد العقلي المجرد وتتعالى على الواقع الملموس، بينما التجربة تميل إلى إعادة الاعتبار للواقع العيني الملموس، وبناء على ذلك يتبين أن المعرفة العلمية تقوم على وجود ترابط  وثيق بين النظرية والتجربة، إذ يتوجب على العالم / الباحث قبل أن يتوجه لدراسة الطبيعة إعداد إطار قبلي يضم مجمل التخمينات والتوقعات والمسالك التي يمكن أن تفسر الظاهرة المدروسة، وهذا الإطار القبلي العقلي هو ما يصطلح على تسميته بالنظرية التي هي عبارة عن نسق من القضايا والقوانين المنظمة وفق مبدأ أو مجموعة مبادئ هي بمثابة فرضيات. بمعنى أن صدقها من عدمه متوقف على مطابقتها أو عدم مطابقتها للتجربة التي تحدد كإعادة إحداث ظاهرة ما، تمت ملاحظتها في شروط محددة، بهدف دراستها والوصول إلى معرفة حولها؛ حيث تشكل التجربة الوسيلة الأساسية التي يلتجأ إليها العالم التجريبي لمعرفة القوانين المتحكمة في الظاهرة، ولكن الثورة العلمية في المنتصف الثاني من القرن 19م ، أدت إلى قيام علاقات جديدة بين النظرية والتجربة؛ الانتقال من الماكرو – فيزياء، حيث تتحدد الحقيقة بالاستناد إلى التجربة، إلى دراسة الظواهر الميكروفيزيائية التي تخضع للعقل. وهكذا تأسست العلاقة بين النظرية /العقل والتجربة / الواقع على أساس الترابط والجدل الدائمين، لا خضوع العقل للتجربة كما في الفيزياء الكلاسيكية، و من هنا تثار إشكالية دور كل من العقل والتجربة في بناء النظرية العلمية والمعرفة العلمية بصفة عامة، فهل العقل هو مصدر النظرية والتجربة؟ أم أن دور العقل ثانوي حيث أن التجربة هي التي توصلنا إلى اليقين العلمي؟ ومتى يمكننا القول أن النظرية العلمية هي نظرية علمية؟ بمعنى آخر ما هي المعايير التي نحكم من خلالها على علمية النظريات؟ .


الاسمبريد إلكترونيرسالة