-->
U3F1ZWV6ZTE0NDc4OTI4OTEyX0FjdGl2YXRpb24xNjQwMjYyOTAzMzk=
recent
جديد

المحور الثاني:الشخص بوصفه قيمة



المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة. 

المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة.

تقديم عام: 

إن وجود الإنسان كشخص ليس بالوجود العبثي، الفاقد لكل معنى، بل وجود له قيمة، أي وجود مرغوب فيه، إلا أن البحث عن هذه القيمة السامية التي يحملها الإنسان كشخص، يصطدم بشكل المعيار أو الخاصية الثابتة في الشخص التي تشكل هويته، وتجعله في ذات الوقت ذا قيمة، وجديرا بالاحترام والتقدير، منذ اليونان حتى الآن، لم يتم الحسم في ما يشكل الهوية الحقيقية للشخص وبالتالي قيمته، فمواقف الفلاسفة والعلماء متباينة، ومتعددة بتعدد مكونات الشخص. 
فإذا كان الشخص la personne، في دلالته الفلسفية الكلاسيكية، هو الذات الواعية، القادرة على التمييز بين الخير والشر، والصدق والكذب، وتحمل مسؤولية أفعالها، وإذا كانت القيمة la valeur في دلالتها العامة، هي الميزة الخاصة بشيء، والتي تجعل منه موضوع رغبة وتفضيل، فما هي هذه الميزة الخاصة في الشخص، والتي تجعل من وجوده كذات، وجودا ذا قيمة، أي وجودا مرغوبا فيه، جديرا بالاحترام والتقدير؟ هل يستمد هذه القيمة من ذاته، أي من مكوناته الباطنية، المتمثلة في الوعي والإرادة، أم من خارج الذات، أي من مكونات ظاهرية، متمثلة في الجسد وتركيبته البيولوجية والمحيط البيئي والاجتماعي، أم أن الفهم الحقيقي لمصدر هذه القيمة، لا يمكن أن يتأتى لنا إلا بالنظر إلى كل مكونات الشخص الظاهرية منها والباطنية، وفي تكاملها وتضافرها؟.

تـــــــــــــحلــــــيـــــل نــــــــص إيمانويل كانط: 

إشكال النص: من أين يستمد الشخص كموجود إنساني قيمته؟ هل من الأخلاق أم من المجتمع؟ 
أطروحة النص: من خلال القراءة المتأنية للنص يبدو أن كانط يريد تأسيس البعد القيمي للشخص، هذا التأسيس صادر من المشروع النقدي والثوري في مجال الأكسيولوجيا (الأخلاق أو علم القيم)، إن هذا البعد القيمي / الأخلاقي ينهض على العقل أو الملكة العاملة ( الضمير)، فإن هذا الأخير هو الذي يضمن للشخص كرامة ، ويرى كانط في مؤلفه "أسس ميتافيزيقا الأخلاق" أن قيمة الشخص، لا تكمن فيما يتمتع به من سمات وخصائص جسمية ومواقع اجتماعية، وإنما بما يملكه من عقل عملي أخلاقي، يجعل من ذاته وذوات الآخرين، غاية في ذاتها وليس وسيلة. 
إذن، فالذي يجعل من الإنسان شخصا ويمنحه قيمة داخلية مطلقة لا تساوم بسعر، هو تعامله مع الأشخاص الآخرين كغايات في ذاتها وليس كوسائل، وبهذا التعامل يكسب الإنسان احتراما لذاته ويمتلك بذلك كرامته الإنسانية، وبامتلاكه لهذه الكرامة، يرغم كل الكائنات العاقلة الأخرى على احترام ذاته، ويتبادل معها نفس الاحترام على قاعدة المساواة، هذا الاحترام الخالي من كل منفعة مادية ذاتية.
البنية الحجاجية للنص: 
يمكن اعتبار أن كانط حينما رامت تأسيس البعد القيمي الأخلاقي للشخص لجأ إلى أساليب حجاجية نمثلها في: 
حجة الجدل: أي جدلية النفي والإثبات، ينفي في اللحظة الأولى القيمة عن الشخص، ويستدرك الأمر لإثباتها في لحظة ثانية. 
حجة التفسير: يبرز لنا ملامح وخصوصيات العقل العملي وأثره أو فعله على الشخص. 
الاستنتاج: نستنتج في نهاية المطاف أن القيمة الأخلاقية للشخص مرتبطة بالكرامة، وهذه الأخيرة تستلزم الاحترام الواجب للذات. 
تقييــــــــــــــم الـــــــــــــــــنـــــــــــــص: 
إن أهم ملاحظة ايجابية بصدد هذا النص هي الإعلاء من شأن الذات كذات أخلاقية، إذ بالأخلاق ترفض الوصاية، ومن ثم تتجاوز الكائنات الطبيعية. 
لكن الملاحظة السلبية هي عدم اعتبار العاطفة وإقصائها، حيث يتعلق الأمر بترجمة الواجبات، أضف إلى ذلك التعالي عن الشروط الموضوعية للشخص أو الإنسان.

تـــــــــحـــــــــــــــليــــــــل نــــــــــص ج راولـــــــــــــــــــــــــــــز: 

إشكال النص: على أي أساس تقوم قيمة الشخص؟ هل على العقل العملي الأخلاقي أم على فكرة المواطنة؟ 
أطروحة النص: 
يذهب الفيلسوف الأمريكي راولز إلى أن الشخص يستمد قيمته من اعتباره مواطنا، والمقصود بأن يكون الشخص مواطنا هو انخراطه بفعالية في الحياة الاجتماعية، والقيام بنشاط يسمح له بممارسة التأثير على غيره مع احترام الحقوق والواجبات. إلا أن ما يؤكده راولز هو أن المواطنة الفعلية لا تقوم إلا في المجتمعات الديمقراطية بدليل أن الديمقراطية في جوهرها تجعل المواطن شخصا حرا، يتوفر على كفاءة متعددة الأبعاد، وبهذا الكفاءة يكتسب عضويته في المجتمع الذي ينتمي إليه، إن المواطنة طريق ملكي في نظر راولز لتحقيق الخير بالمعنى الواسع له . 
هكذا يرى راولز أن قيمة الشخص لا يمكن أن تتحقق إلا في حدود انتماء الشخص إلى نظام اجتماعي يقوم على فكرة العدالة، التي تجعل من الأشخاص كائنات حرة، ومتعاونة مع بعضها البعض. 
البنية الحجاجية: 
استند راولز على العديد من الأساليب الحجاجية للدفاع عن أطروحته التي تذهب إلى أن قيمة الشخص مرهونة بما هو اجتماعي أي المواطنة، من بين هاته الحجج نذكر: 
  • حجة الإثبات
  • حجة المــــــــــــــثال 
  • حجة الاستنتاج
  • تقييم النص 
النقطة الإيجابية في هذا النص أن راولز يتحدث عن شخص له كيان واقعي موجود في مقابل كانط الذي تكلم عن شخص مجرد، وراولز حينما يسلك هذا المسلك يكون قد حقق هدف مزدوج، ممثلا في النقد والتجاوز . وبالفعل إذا كان المجتمع يهدف إلى الرقي والتقدم لزم ذلك الاعتماد على الممارسة، هذا من جهة . 
ومن جهة أخرى يزعم هذا النص بالراهنية وما أحوجنا إليها، وهي راهنية تتمثل في أن المجتمعات مدعوة إلى الممارسة التي هي أساس الحركة والنمو والإبداع والخلق.



















الاسمبريد إلكترونيرسالة